أطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش أفريقيا جنوب الصحراء من خلال مؤلفات المؤرخين المصريين في القرن التاسع الهجري
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية بجامعة ديالى أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ (أفريقيا جنوب الصحراء من خلال مؤلفات المؤرخين المصريين في القرن التاسع الهجري القلقشندي ( ت 821 هـ والمقريزي ت 845هـ ) إنموذجا ).
وهدفت الدراسة التي تقدمت بها الطالبة وئام عاصم اسماعيل كنعان ، الى التعرف على التأثير العربيّ والإسلامي الذي ظهر في تلك البلاد من دويلات وممالك مِمَّا ورد ذكره كُلّ من القلقشندي (ت821 هـ )، والمقريزي (ت845هـ )؛ إذ تَمَّ عدّهما أنموذجان لما دونه المؤرخون المصريون في القرن التاسع الهجريّ؛ لتتشكل في النهاية الصورة المطلوبة الأقرب إِلى الواقع السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي لإفريقيا جنوب الصحراء.
وتوصلت الدراسة الى استنتاجات عدة منها أَنَّ هناك بعض المسميات للممالك والبلدان في إفريقيا جنوب الصحراء ترجع إِلى عصور ساحقة في القدم ، وأَنَّ بعض تلك البلدان بقيت تحتفظ بتلك الأسماء من دون تغيير، كبلاد البجة مثلًا، التي تعود تسميتها إِلى عهد الفراعنة , وأَنَّ قبائل البجة هي من أولى القبائل الحامية التي استقرت في إفريقيا، ومارست النشاط الإنساني، والتي تشكلت من خليط من السلالات الحامية من قدماء المصريين، التي امتزجت بسلالات من اليمنيين، وأخرى زنجية، أفرزت على مَرَّ الزمن السلالة النوبية الحالية، وتبين أَنَّ سكان بلاد الكانم هم من السكان الأصليين، فضلًا عن العنصر العربيّ الذي هاجر إِلى تلك الممالك، أَمّا الأحباش فهم مجموعة تتألف من خليط من عِدَّة سلالات تتحدث لغات ولهجات مختلفة، وينتمي أغلبها إِلى مجموعة القوقازية التي تنقسم على سامين وحاميين.
توصلت الدّراسة إِلى تشابه أنظمة الحكم في الممالك الإفريقية جنوب الصحراء؛ فهي تتشابه من ناحية المراسيم في البلاط لتلك الممالك، التي تجمع بين الطابع الإفريقي والشكل الإسلامي، أمَّا نظام الحكم فيها فهي وراثية؛ ولكن السلطة هنا لا تنتقل من الأب إِلى الابن، بل من الخال إِلى ابن أخته ، وتبين عن طريق الدراسة أَنَّ انتقال القبائل العربيّة إِلى بلاد النوبة اتخذ أسلوبًا عسكريًا، أَمّا انتقال العنصر العربيّ إِلى بلاد السودان الأوسط والغربي؛ فكان عن طريق التجارة.
وأوضحت الدراسة ان الحياة الاقتصادية في مملكة مالي ازدهرت اعتمادًا على التجارة القائمة على تبادل السلع من الذهب والنحاس، وكانا أساس المبادلات في الأسواق، فضلًا عن وجود التبادل عن طريق المقايضة، ولاسِيَّمَا في المناطق النصرانية من بلاد الحبشة، فضلًا عن وجود عملة تسمى الحنكة، وهي عبارة عن حديد مضروب كالإبر بالطول كُلّ ثلاث بالعد قيمتها درهم، وذلك متعارف عليه في بلد الزيلع.
أظهرت الدراسة الواقع الاجتماعي الذي كانت عليه ممالك إفريقيا جنوب الصحراء؛ إذ إِنَّ أهل تلك الممالك تمسكوا بعاداتهم القديمة، فضلًا عَمَّا اكتسبوه من عادات وقيم عربية إسلامية؛ ولكن الطابع المحلي المرتبط بالبيئة هو السائد، مع الأخذ بالحسبان خصوصيات بعض الممالك، كمملكة النوبة، التي تأثر واقعها الجغرافي بالقيم والتقاليد العربيّة الإسلامية إِلى حَدّ كبير، واندمج السكان المحليين مع المهاجرين وانصهر الجميع في بوتقة واحدة؛ فكانوا يواظبون على حضور صّلاة الجمعة مرتدين الثياب البيض.