
أطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش القصدية في قصص القرآن الكريم
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ (القصدية في قصص القرآن الكريم ) .
وتهدف الدراسة التي قدمها الطالب صادق بريسم كيطان العزاوي ، وأشرف عليها الاستاذ المساعد الدكتور نصيف جاسم محمد الخفاجي ، الى دراسة واحدٍ من أهمِّ المعايير التي تحقِّق النصيَّة في الخطاب في الدراسات اللسانيَّة الحديثة وهو معيارُ ( القصديَّة ) .
وتوصلت الدراسة الى استنتاجات عدة منها إنَّ أيَّ نصٍّ يخلو من القصد لا يرقى إلى مرتبة الخطاب ، ومن ثمَّ لا يقوى أنْ يحافظَ على انسجامه الداخليِّ ، وان على المرسِـل إيجادُ كيفيّـَة التعبيـر عـن قصـده ، واختيـار الآليـات المناسـبة لنقلـه مـع مراعاة العناصر السياقيّة الأخرى ؛ لأنَّ القصـدَ يعـدُّ لـبَّ العمليّـة التواصـليّة ، ولم يكن معيارُ القصديّة غائبًا عن إدراك العلماء العرب القدماء ، بل حظيتْ فكرةُ القَصْد بعنايةٍ بالغةٍ عندهم ، فبحثوا نوعَ العلاقة بين ما يقصدُه المُتكلّم وما تعنيه الكلماتُ التي يستعملُها لما للقصد من أثرٍ بليغٍ في تفسير النصوص ، وإنَّ أهمِّيَّة القصد تتمثَّلُ بحسن اختيار المتكلِّم للألفاظ التي تحقِّـق الغرضَ التواصليَّ مع المتلقّي ، وثمَّـةَ فرقٌ دقيقٌ بين المعنى والقصد ؛ إذ إنَّ القصدَ خاصٌّ بالمتكلِّم وحدَهُ وهو يدلُّ على شيءٍ بعينِهِ ، أما المعنى فهو خاصٌّ بالمتلقّي وقد لا يُفهَم منه المقصودُ بسبب تعدُّد التأويلات التي قد تصلُ الى حدِّ التناقض أحيانًا .
بينت الدراسة ان النصُّ يجب أن يتمتَّعَ بأعلى درجات السبك والالتحام من أجل تحقيق غاية القصد من الكلام ، ومن الممكن أن يبقى القصدُ قائمًا من الناحية العمليَّة ــــ في غير القرآن الكريم ـــ حتى مع عدم وجود المعايير الكاملة للسبك والحبك ، فالقصد قد يتحقَّق حتى إن كانت بقية المعايير تفتقر إلى التماسك النصيِّ ، وقد تكون القصديَّة محدَّدةً بمدلولٍ واحدٍ ، وقد تكون متعدِّدة المقاصد وفقًا لما يحكمه السياق لذلك فقد اختلف المفسِّرون في تحديد القصديَّة في الكثير من آيات القرآن الكريم بحسب القرائن والإشارات الواردة في السياق ، ويحصل أحيانًا توافق دلالي بين قصدية اللغة ( المعجم ) ودلالة النصِّ القرآنيِّ ، وإنَّ وسائل القرآن الكريم متنوعة في تحقيق مقاصده ، ويعدُّ أسلوبُ القصِّ أحدَ أهمِّ الوسائل في إيصال رسالته إلى الناس ، والنصِّ القرآنيِّ نصٌّ مقدّسٌ لا يمكنُ إخضاعُهُ لتأويلاتٍ قد تجعله يخرجُ عن المقاصد الربانـيّة لذلك لا يمكن أن نطبق عليه كلَّ ما يتم تطبيقه على النص الأدبي .
وأوضحت الدراسة إنَّ بيان معاني القرآن الكريم لا بدَّ من أن يتمَّ أولًا بمعرفة ما تدلُّ عليه مفرداته قبل ما عداها ؛ إذ لا يمكن فهم التراكيب من دون فهم الألفاظ ، وان تتحـقَّق القصدية بالمفردات بنسبة أكبر من تحققها بالتراكيب ؛ لأنَّ اللفظ يعد الأساس الذي يشكل الجملة القرآنية ، ولبنة بنائها اللغوي ، وإنَّ كلَّ لفظٍ في القرآن الكريم وُضِعَ في المكان المناسب له بشكلٍ يجعل استبدالَ لفظٍ بآخر سببًا في اختلال المعنى وتشويه البناء .