كلية التربية للعلوم الانسانية تقيم حلقة نقاشية في صورة الذات في الشعر العربي
اقام قسم اللغة العربية في كلية التربية للعلوم الانسانية حلقة نقاشية في صورة الذات في الشعر العربي .
وبينت الدراسة التي بحث فيها الاستاذ الدكتور ( اياد عبد الودود الحمداني ) ان القصيدة الناضجة تعد نتاجا لتفاعل مستويات مختلفة لغوية، وتصويرية، وايقاعية بطريقة يصوغها المبدع في داخله بعد مخاض مبارك ، فتتكامل لتخرج بهيأة تعبر عن رؤياه للعالم الخارجي ، وتمثل الصورة واحدة من أهم المؤثرات الفاعلة في القصيدة ،إذ إن الصورة هي البؤرة التي يشع فيها تنسيق شتات الرؤى ، وهذا ما يجعلها تحتل كثيرًا من التناقضات المتجلية في التفاعل المتطور بين ما هو مرئي وما هو محسوس ، وقد وردت مادة (صورة) في لغة القرآن الكريم لتحيل على ما هو أقرب إلى مفهومها الاصطلاحي؛ إذ إنها تحقق ارتباطًا واضحًا بالابتكار ، وتلتقي مع مفهوم الصورة المرتبط بالخيال ، أن الصورة لغة مرتبطة بهيأة الشيء وتجمع على صور، والتصاوير هي التماثيل ، والصورة اصطلاحًا ، هي رسم الشيء نقلًا ، وتقريرًا ، أو شَبَهَهُ ، والصور إما أن تكون مادية حسية أو معنوية تدرك بالعقل والتمثل الخيالي وتتحقق فاعليتها في العمل الإبداعي نفسه في نمط السرد أو الشعر ، أو السينما ، أو التشكيل.
واكدت الدراسة ان مع مطلع العصر الحديث شَهِدَ الأدب العربي تطورًا كبيرًا في الأساليب والمضامين ، نتيجة خضوعه لتيارات فكرية متعددة واتجاهات فنية متنوعة سواء ما يتعلق منه بالشعر أو النثر ، ففي مجال الشعر ظهرت مدارس شعرية جديدة بدأت بمدرسة (الإحياء) التي حاولت إرجاع الشعر إلى سابق عهده ، ومن روادها (البارودي) في مصر المتوفى عام (1904م) والحبوبي في العراق المتوفى عام (1919م) ، ثم تلت ذلك مدرسة (المحافظين المعتدلين) التي عبرت عن الحياة الجديدة ، طامحة إلى التجديد في الأساليب والصور الفنية فضلاً عن اللغة ، ومن روادها (الصافي) و (حافظ إبراهيم) و (الكاظمي) ، اعقب ذلك ظهور ما يعرف بـ (جماعة الديوان) وغيرها ، التي عكست الصراع الذي وُجِد بين القديم والجديد ، وقد تأثر أدباؤنا العرب ، وانعكس ذلك على صورهم الشعرية ، التي تُعبّر عما يجول في نفوسهم ، فنتج عن ذلك الإفصاح عن وجود علاقة بين النفس البشرية (الذّات) وبين الصورة الشعرية ، وقد برزت ملامح التأثير بالثقافة الغربية من خلال ما صدرته من نظريات كثيرة على مستوى النقد منها ما اندثر عندهم ونحن لم نزل نتمسك بها، ومن هذه النظريات (البنيوية) ، (التلقي) ، (التفكيكية) ، (السيميائية) ، وكل منها يسعى لتحرير الصورة من بعض القواعد التي حصرتها ، وكلٌّ بطريقته ، أما على مستوى الإبداع في التصوير، منها ظاهرة تداخل الأجناس التي تمثلت بأساليب متعددة أوضحها أسلوب القناع (Persona) والتنويع السردي .