
اطروحة دكتوراه في كلية التربية للعلوم الانسانية تناقش سورة البقرة في تراث البحث النحوي
ناقشت كلية التربية للعلوم الانسانية بجامعة ديالى أطروحة الدكتوراه الموسومة بـ (سورة البقرة في تراث البحث النحوي حتى نهاية القرن الرابع الهجري – دراسة تحليلية ) .
وهدفت الدراسة التي تقدمت بها الطالبة آية احسان صادق ، وأشرف عليها الاستاذ الدكتور حسين ابراهيم مبارك ، الى التعرف على ما اشتملت عليه سورة البقرة من أحكام متعلقة بالحياة والشريعة ، فضلاً عن ما فيها من القصص الباهرات والآيات البينات كآية الكرسي والخاتمات ، والتعرف على أثر السورة المباركة في البحث اللّغوي والنّحوي عند العرب .
وتوصلت الدراسة الى استنتاجات عدة منها إنَّ اللغويين الأوائل والنحاة قد أولوا سورة البقرة عناية فائقة في ابحاثهم ودراساتهم وكتبهم، فكان تفسير السورة وإعرابها وبيان معانيها قد تضمن عند الحديث عنها أكثر المباحث النحوية؛ لأن النحوي يؤصل في السورة المباركة للقاعدة ثم لا يكررها في السور التي تليها وإنما ينبه إلى أن هذا البحث أو ذاك قد تقدم بيانه في سورة البقرة ، وتعد كتب معاني القرآن وإعرابه بمنزلة اللبنة الأولى التي انبنت عليها التفاسير الجامعة فيما بعد، وفي طليعتها تفسير الطبري إذ أصل اصحاب المعاني والاعراب للأدلة النحوية المحتملة والتضمينات والتأويلات والتقديرات، ثم انطلق المفسرون من مباحثهم هذهِ ليفصلوا البحث في كل ما بدأهُ أصحاب هذهِ الكتب.
وأوضحت الدراسة ان كتب معاني القرآن وأعرابه تُعدّ موسوعة في اللغة والنحو في بيان معاني القرآن وإعرابه ما بين مقدّس للقراءات كلّها، وآخر يأخذ منها ما وافق أقيسته وضوابطه، ويرد ما خالف تلك الشروط والأقيسة. وقد كانت منطلقًا لتأصيل أصول الخلاف التي انبثقت أطره في مصنّفات البصريين اللاحقة، ولكلّ مؤلّف منهج خاص به، تفاوت بين الإيجاز والتفصيل، وعرض مذاهب النحاة. وقد كان كلام العرب المنظوم والمنثور المنطلق الأول عند أصحاب المعاني والإعراب في بيان معاني ما أشكل من كتاب الله، فكانت هذه الكتب بحق موسوعة كبيرة للغة والنحو وكلام العرب، ومعجمًا للقراءات القرآنية المتواترة والشاذة ، ولقد عُني نحاتنا الأوائل ببيان أوجه القراءات المتواترة والشاذة في السورة المباركة، وبيّنوا عللها وأحكامها .
وأكدت الدراسة إنّ كتب التفاسير على الرغم من عنواناتها مخصصة لتفسير القرآن الكريم، غير أنّ هؤلاء قد غلّبوا الجانب اللغوي والنحوي على الجانب الشرعي (الفقهي) لما كان لطروحاتهم الأثر الكبير في التقعيد والتأسيس للمعنى النحوي للأوجه المتعددة مع التركيز على المعنى، ويعد الطبريّ من أرباب المنظّرين لهذا الاتجاه ، وكان القرآن الكريم المنطلق الأول للنحاة في التأصيل، ولا خلاف بينهم في ذلك على الرغم من اختلاف مشاربهم النحوية، وكانت سورة البقرة رافدًا من روافد التقعيد النحوي، فلا نكاد نجد كتابًا نحويًا من كتب المتقدمين والمتأخّرين إلّا وقد شكّلت السورة المباركة جزءًا كبيرًا من شواهده، وأصلًا من أصول التقعيد عنده.